بعد ماربك انطاك علي قمت تكبّر !
* أغنية عراقية..
يا لغرورك يا دارنا البيضاء، تسحبين قلوبنا نحو محرقة الشوق وبنا لا تُبالين.
أقابلكِ ومشاعري مُتقدة وأنتِ تقابليني ببرودة الثلج المتماسك، أحقاً يكون هذا جزاء المُستهامِ المُتيم؟!
وصلنا إلى الدار البيضاء، إلى مطار محمد الخامس ذلك المطار العجيب حقاً والمليء بالمفاجآت دائماً.
نزلنا من الطائرة، يممتُ وجهي شطر السماء نحو الغيوم، استجابت رئتي للأوكسجين من خلال تلك الفتحة البسيطة بين السُلم والمصعد فانتشيتُ طرباً.
أمامي صفوفٌ طويلة قبل الجوازات، الكُل هنا يرغب في ختم الدخول على جوازه، إنها قُبلة الحياة تقريباً كما يحلو لي تسميتها.
مرت الاجراءات بسلاسة تقريباً دون تلميحاتٍ أو طلبٍ للإكراميات ( الأرغفة المتعفنة) مع ابتساماتٍ صفراء لا تسر الناظرين!
تأكد الشُرطي من أختام الجواز ولم يقلب ولم ينبش كثيراً في جوازي وقال : من هنا الطريق.
نزلتُ من المصعد باتجاه عربات الحقائب والعينُ ترقب سير الحقائب المتراقصة على نغمات الانتظار.
وتجاهلتُ نداءات محلات صرف العملة كعادتي، ولا اعرف لماذا هم بالذات في الواجهة فهنالك بالخلف محلات أفضل منهم ( والصرف خارج المطار) أعلى وأفضل.
وصلتُ إلى منطقة الحقائب، الكلُ احتضن عفشه والكثير منا لا يزال ينتظر وينتظر !
ساعة ونص الآن مرت، والمزاج انقلب وتلبدت النفس بغيوم الغضب وعواصف القهر الجزئي!
فأمطرتُ تأففاً وتذمراً باتجاه مكتب العفش فقالوا بكل برودة : سجل محضر فقدان أمتعة وسنتصل بك لاحقاً.
كانَ هنالك رجل قابلتهُ في أحد المصانع بالجبيل الصناعية أثناء دورة عمل، قال لي : لماذا تجاوزتنا ولم تحترم انتظارنا؟!
قلت: لم أتجاوز أحد، أنا هنا لكني وضعتُ من ينوب عني بينكم انظر إليه ولقد أخبركم واستأذنكم فأذنتم له ، أم تُراك ترغب في الجدال في هذهِ الصبيحة المُباركة؟ ( صبيحة الجُمعة)..!
رفع أحد المسافرين صوته وزمجر غاضباً ( ذو لهجةٍ خليجية) فما كان إلا أن قدم شُرطي وطلب منه خفض صوته أو سيتم اخراجه من صف الانتظار، وما كانَ له أن استجاب للشرطي و شعر بأن ( ريشه نُتِف) !
جمعتُ حسرتي وبقايا غضبي الخامد وعانقتُ حقيبتي الصغيرة التي كانت معي وجهازي المحمول وفوضت أمري لله، حتى ظهر لي أحد عُمال الشحن قائلاً : أعطني رقمك وسأهاتفك في حال وصول الحقائب، فهنالك رحلة ستصل بعد صلاة المغرب تقريباً.
أعطيته رقمي وشكرته وخرجتُ إلى البوابة بعد أن انهيت اجراءات الجمارك دون تعثر أو تأخر، شعرتُ بأن الدار البيضاء تحاول تهدئتي بينما تفتعلُ الجَلبة بداخلي كي أنثرها حُبا على سهول عشقي.