السلام عليكم
إخواني وأخواتي
في هذه الساحة
وهي استراحة تعالو معي للترويح عن أنفسنا
بأعطر ما يميزها
ذكر الله
فيه بركة ورزق وزوال الهم
فتعالو معي لنؤمن ساعة
مع تفسير كل يوم إما لسورة قصيرة أو لأية
فمن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها
ولا تنسو الأمة الضعيفة من دعائكم
{بِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ * ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ * مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ}
{ٱللَّهِ} أي: أبتدىء بكل اسم لله تعالى. {الله} هو المألوه المبعود، المستحق لإفراده بالعبادة، لما اتصف به من صفات الألوهية وهي صفات الكمال
{الرحمٰن الرحيم} اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء، وعمت كل حي، وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله. فهٰؤلاء لهم الرحمة المطلقة، ومن عداهم، فله نصيب منها.
واعلم أن من القواعد المتفق عليها بين سلف الأمة وأئمتها، الإيمان بأسماء الله وصفاته، وأحكام الصفات، فيؤمنون مثلاً، بأنه رحمٰن رحيم، ذو الرحمة التي اتصف بها، المتعلقة بالمرحوم، فالنعم كلها، أثر من آثار رحمته، وهٰكذا في سائر الأسماء. يقال في العليم: إنه عليم ذو علم، يعلم به كل شيء، قدير، ذو قدرة يقدر على كل شيء.
{لِلَّهِ} هو الثناء على الله بصفات الكمال، وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل، فله الحمد الكامل، بجميع الوجوه
. {رَبِّ} الرب، هو المربي جميع العالمين، وهم من سوى الله، بخلقه إياهم، وإعداده لهم الآلات، وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة، التي لو فقدوها، لم يمكن لهم البقاء، فما بهم من نعمة، فمنه تعالى.
وتربيته تعالى لخلقه نوعان: عامة وخاصة.
فالعامة: هي خلقه للمخلوقين، ورزقهم، وهدايتهم لما فيه مصالحهم، التي فيها بقاؤهم في الدنيا.
والخاصة: تربيته لأوليائه، فيريبهم بالإيمان، ويوفقهم له، ويكملهم، ويدفع عنهم الصوارف، والعوائق الحائلة بينهم وبينه، وحقيقتها: تربية التوفيق لكل خير، والعصمة من كل شر، ولعل هٰذا المعنى، هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب، فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة.
فدل قوله: {رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ} على انفراده بالخلق والتدبير،
{مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّين المالك: هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أن يأمر وينهى، ويثيب ويعاقب، ويتصرف بمماليكه
.
وهٰذا الصراط المستقيم هو: {صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، {غير} صراط {عَلَيْهِمْ} الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم، {لاۤ} صراط {الضالين} الذين تركوا الحق على جهل وضلال، كالنصارى ونحوهم.
فهٰذه السورة، على إيجازها، قد احتوت على ما لم تحتو عليه سورة من سور القرآن، فتضمنت أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية يؤخذ من قوله: {رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ} ، وتوحيد الإلٰهية، وهو إفراد الله بالعبادة، يؤخذ من لفظ: {الله} ومن قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } ، وتوحيد الأسماء والصفات، وهو إثبات صفات الكمال لله تعالى، التي أثبتها لنفسه، وأثبتها له رسوله من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه، وقد دل على ذٰلك لفظ {الحمد} كما تقدم.
وتضمنت إثبات النبوة في قوله: {ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } لأن ذٰلك ممتنع بدون الرسالة.
وإثبات الجزاء على الأعمال في قوله: {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } وأن الجزاء يكون بالعدل، لأن الدين معناه الجزاء بالعدل.
وتضمنت إثبات القدر، وأن العبد فاعل حقيقة، خلافاً للقدرية والجبرية. بل تضمنت الرد على جميع أهل البدع والضلال في قوله: {ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } لأنه معرفة الحق والعمل به، وكل مبتدع وضال فهو مخالف لذٰلك.
وتضمنت إخلاص الدين لله تعالى، عبادة، واستعانة في قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فالحمد لله رب العالمين.