الماء/الكبش/ الملح عند الامازيغ
أمان Amanالماء
كلمة أمان في اللغة الأمازيغية بكافة لهجاتها تقابلها في العربية كلمة الماء
يحمل الماء بين طياته في المتخيل الأمازيغي النقيضين بين الحياة والموت معا يهب الحياة لكل الكائنات الموجودة على الأرض التي تعتبر بمثابة أم لهذه المخلوقات فأينما وجد الماء وجدت الحياة لكل من يعيش في الكون و الماء يعني أيضا الموت الفناء مثلما يعني ولادة متجددة فهو رمز للخصوبة عند الأمازيغي وعنوان للحياة و كثير من الباحثين و العلماء أكدوا أن منطقة الساحل و الصحراء الكبرى (شمال إفريقيا) كانت في العصور القديمة منطقة خضراء تنعم بغطاء نباتي كثيف و عدد هام من الحيوانات و النباتات المختلفة من خلال مجموهة من حفريات التي تخص الأمازيغ وكما هو معروف لدى الجميع أن الإنسان القديم كان يقدس الطبيعة فأمام ندرة هذه المادة الحيوية الماء التي تضمن له الحياة جعلت الأمازيغ يعظمونه لدرجة التأليه حيث ارتبط لفظ Aman بالإله Amon الذي انتشرت عبادته قديما بشمال إفريقيا و الصحراء الكبرى و وصل صيته لأثينا اتخذوه اليونان إله
العلاقة الوطيدة بين aman أو amman مشددا و amon تجد لها سندا حفريا يتمثل في تواجد معبد الإله amon بواحات siwa الغنية بعيون الماء إلى يومنا هذا خاصة واحة aghormi التي يتواجد بها بقايا آثار هذا المعبد،كما سجل المؤرخين أن كوانشles guanches سكان جزر الخالدات يقدسون amman الذي يعني السيد والمولى والرب هذا اللفظ يطابق لفظ aman من الناحية اللسانية، ويشترك معه في الدلالة السيمولوجية مع amon في أداء وظيفة الألوهية
ميثولوجيا الواقع : يلعبAman دورا حيويا لدى الأمازيغ يتجلى في وظيفة الإخصاب ويبرز ذلك من خلال معطيين رئيسين أحدهما مادي والآخر رمزي
المادي :يظهر من خلال كون الماء يلقح الأرض كي تخرج نباتها الذي يضمن الحياة لكل الكائنات فنجد في الموروث الشفوي الأمازيغي أن الماء الذي يجري أو يسقط على الأرض هو رمز للذكورة يؤدي نفس الوظيفة عند الرجل في التزاوج، حيث أنه في غياب الاتصال بين الماء والأرض ينعدم التخصيب والإنبات وتتوقف الحياة
الرمزي: أصل الإخصاب عند الإنسان كما هو راسخ في المتخيل الشعبي الأمازيغي هو aman و لا زال إلى يومنا هذا حيث تذهب العديد من النساء العاقرات إلى: سيدي سليمان مول الكيفان أو مولاي يعقوب للاستحمام في مائها طردا للنحس وطلبا للخصوبة ، كما أنه في جل القرى و المدن المغربية لا تزال الفتيات العوانس اللواتي يرغبن في الزواج يملأن وعاء من الماء من سبعة آبار مختلفة أو سبعة أمواج من البحر أو النهر ويتركنه معرضا تحت ضوء النجوم ليلا وللنجوم أيضا دور مهم في الميثولوجيا الأمازيغية و في الصباح يستحممن به طردا للنحس و طلبا للزواج، كما نجد أيضا تقليد متوارث خصوصا في البوادي والقرى، أن كل بيت يمر بقربه موكب العروس، يقوم أهله وخاصة الأم برش الماء تيمنا وطلبا لسنة فلاحية جيدة
في حالة انحباس المطر، ونظرا لكون الماء هو مصدر الرزق عند الفلاحين، تمارس عدة طقوس لطلب الغيث و سنأتي على ذكرها حسب مكانتها في المجتمع الأمازيغي:
Ahuli الكبش
كلمة Ahuli في اللغة الأمازيغية بكافة لهجاتها تقابلها في العربية كلمة الكبش
هناك طقس متداول لدى العديد من القبائل الأمازيغية لازال يمارس إلى حد الآن لطلب المطر خاصة قبائل منطقة زمور بالمغرب بصفتها منطقة رعوية مشتهرة بتربية الغنم ونسج الزرابي، في حالة انحباس المطر يخرج الأطفال والعذارى في موكب وهم يرددون:
Ahuli tinzar A R’bbi fkax anzar أحولي آبو تنزار آربي فكاخ أنزار
تقديم Ahuli الذي يعني الكبش في الدعاء هو من رواسب عبادة الكبش الذي يرمز للإله Amon وهو طقس يرجع إلى العصور القديمة حيث كان الإنسان يقدس قوى الطبيعة
هذا الكبش الذي ظل منذ القدم حاضرا بقوة في جل المعاملات لدى الأمازيغ من بينها:
* تقديم الكبش كهدية للعروس إلى حد الآن بدلا عن أي حيوان آخر كالثور لأنه يرمز للخصوبة أكثر من غيره و اختيار الكبش كرمز للرب آمون يرجع إلى المعتقد الشعبي الذي يفيد أن الكبش من الحيوانات الشهوانية، و يرمز للخصوبة
*يقدم كهدية للتصالح بعد الخصام وكهدية لزاوية دينية أو ولي صالح نظرا لرمزيته و دلالته العميقة لدى الأمازيغ//
و بعودتنا إلى مجموعة من الحفريات و الوثائق نكتشف أن الأمازيغ قديما كانوا يقدسون الكبش، فالرب أمون الذي يرمز له بالكبش هو إله صحراوي أمازيغي و عباد الإله آمون كانوا يقصدون ضريحه وينامون فيه طلبا للرؤية أو المشورة وهو طقس ما يزال يمارس إلى يومنا هذا حيث يذهب الناس إلى أضرحة الأولياء و الزوايا بالمغرب وينامون في الضريح، و التقديس جاء أيضا من كون الكبش مصدر للعيش عند الأمازيغ، فقدسوه إلى درجة التأليه وربطوه بالإله آمون وفق ما جاء في نقوش صخرية مكتشفة بالجنوب المغربي و بدول شمال إفريقيا، و ما يفسر استمرارية تقديس الأمازيغ للكبش الذي يرمز للرب آمون وجوده في كل عاداتهم وتقاليدهم إلى اليوم بجانب طقوسهم الدينية ومن أكثر العادات شيوعا نجد عادة بوجلود التي لا زالت تمارس إلى يومنا هذا بعدة مناطق مغربية، و التي يقوم خلالها أحد الأشخاص بارتداء جلد الخروف، ويحمل أرجله بيديه، ثم يخرج أهل القبيلة في موكب فولكلوري مرح وبهيج وهم يهرولون يتبعهم بوجلود، فكل من لمسه برجل الخروف، عليه أن يؤدي مبلغا من النقود تيمنا بهذا وطلبا للبركة وفي نهاية الحفل، تجمع الهدايا التي تلقاها بوجلود وأصدقاؤه ليقام بها احتفال يمتد ليلتين متتاليتين
الملح tisnet
كلمة tisnet في اللغة الأمازيغية بكافة لهجاتها تقابلها في العربية كلمة الملح
للملح عدة استعمالات في الطبخ و في الصناعة واستخدمه الأمازيغ في حفظ و تخزين الأطعمة كالأسماك و اللحوم والزيتون، كما قاموا بتمليح الخضر واعتبروها أفضل الأطعمة وتمليح الأطعمة انتشر قديما في شمال إفريقيا نظرا للجفاف والتصحر الذي يهدد الصحراء مند القدم، كما نجد له سندا عند الفراعنة في حفظ المومياء الوظيفة المادية للملح الذي يحفظ الجثة من التحلل، و هناك وظيفة دينية تتمثل في التيمن به، كما ذكر الباحثين و علماء الآثار وجود كؤوس مملوءة بملح النطرون داخل مقبرة فرعونية، كما سنجد له دليلا عند فرضية الأصول المشتركة لشمال إفريقيا، فلا زالت عدة عادات تمارس من طرف مجتمعات شمال إفريقيا إلى يومنا - وضع الملح على دم الذبيحة (خصوصا يوم عيد الأضحى)، وضع الملح في الماء لمن أراد أن يستحم قبيل الغروب، وضع صرة من الملح في يد أو عنق الرضيع، و يعتبرون الملح رمزا لربط ميثاق أو علاقة طيبة أو تحالف بين الأفراد والجماعات، ما يفيد بتعظيم هذه المادة التي يشترك فيها على مائدة الطعام مجموعة من الأشخاص، حيث أن ثقافتنا الشعبية لا زالت زاخرة بالكثير من الحكم التي تمنح للملح تعظيما و مكانة خاصة في المتخيل الشعبي لشعوب شمال إفريقيا عامة و الأمازيغي خاصة إلى يومنا هذا
*****