إنها عملية شبيهة بمثيلاتها في عالم نجوم السينما الهوليودية الخاصة بفرق محاربة المخدرات أثناء مطارداتهم لخصومهم من تجار المخدرات ، أو ما يطلق عليها بعملية وضع الكمين في فيه العرين لانتشال الورم من جذوره.
وهو الحدث بعينه الذي استيقظت عليه ساكنة البيضاء نهاية الأسبوع الماضي، في أهم عملية لتسونامي من العيار الثقيل ،تقوده عناصر سرية الدرك الملكي ببسكورة ،تحت لواء قائد السرية ،وبإشراف من قائد مركزها القضائي، و بتوجيه حكيم من قائدها الجهوي. حيث تمكنت من اجتياح ترسانة ومعاقل "كارتل" أهم قيادي "بارونات" المخدرات بالمنطقة، حاصدة معها حصيلة لم تشهد سابقاتها، بحجز لكميات هائلة من المواد المخدرة بجميع أشكالها ،ومعدات ،وآليات لوجيستيكية، وتقنية للصناعة والشحن والترويج، ناهيك عن الأسلحة البيضاء، وأدوات أخرى يستعملها رواد المخدرات للترهيب، والردع، وإخفاء الهوية.
إنها عملية نوعية في جوهرها و شكلها، أسهمت في تفكيك هذه الخلايا واعتقال العديد من أطرافها، و ما هي إلا نتيجة حتمية تنم عن يقظة وحنكة عناصر سرية الدرك الملكي، وعزمهم على مواجهة صناديد وعرابدة تجار المخدرات ،مع تحمل جسامة هذه المسؤولية المنوطة على عاتقهم ،رغم خطورة تداعياتها. وبالتالي أكدوا العزم على احتواء القضية عن طريق توظيف مقاربات أمنيه جديدة مخضرمة في بعدها السوسيو- ثقافي والسوسيو- اقتصادي وبعدها المجالي- البشري وهي دراسة عميقة ودقيقة لانتروبولوجية النوع البشري، وذلك برصد العملاء والفاعلين في جميع حركاتهم وسكناتهم، ووضع البارونات تحت المجهر.
لقد تمت الإحاطة بجميع النواحي التقنية، واللوجيستيكية ،و البشرية لمعالجة الموضوع ،مع اعتماد شرطة القرب والاستباق، وتجنيد كل القوى العلمية المادية والمعنوية الحدسية، من خلال منهاج تجريبي يزاوج بين الرصد والتأهب وآلية التدخل الممنهج ،التي تتطلب علما مسبقا لطبوغرافية المجال ونسيجه البشري والاقتصادي, كتجميع أولي للمعطيات والمعلومات، وقراءتها، وفرزها، وتحليلها، مع إعداد أنجع الاستراتيجيات والخطط القابلة للتفعيل، أخذا بعين الاعتبار لكل متغيرات النجاعة وشوائب الإعاقة، ليؤول احتمال الفشل إلى الصفر، و ليرتفع مؤشر نجاح عملية القبصة من حديد على تجار المخدرات.
وعليه، لا يسعنا كمهتمين سوسيولوجيين إلا أن نهيب ،ونشيد بوسام الأبطال للعناصر المتجانسة و المتناسقة لسرية الدرك الملكي ببسكورة، والذين بين الفينة والأخرى يبهروننا بمدى براعتهم وفعاليتهم في احتواء ظواهر الإجرام باختلافها ومدى حرصهم وسهرهم على سلامة وأمن المواطن.