المغرب للمرة الثانية ( الرباط )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وتحية طيبة للجميع
بحمد الله وفضله عدنا من رحلتنا يوم الثلاثاء الفائت بعد قضاء عشرة أيام في مدينة الرباط ، وكانت الرحلة بالمجمل سهلة وممتعة ، والمدة التي قضيناها كانت كافية لتغيير نظرتي عن زيارتي السابقة فانقلبت الموازين والأولويات إذا كتب الله لنا المزيد من الأيام في هذه الحياة.
أيها الأحبة .. هذا تقرير مختصر عن رحلتي الثانية إلى المغرب - الرباط تحديداً - برفقة صديقين ومن ثمّ لحق بنا صديقين آخرين ليرتفع عدد الأعضاء إلى ( خمسة ) من 3 / 12 / 2011 إلى 13 / 12 / 2011 ، وما قصدت به إلا رد بعض جمائل هذا المنتدى وأعضائه الكرام وعسى أن يلتمس منه أحدهم الفائدة خصوصاً زوار المغرب للمرة الأولى .
عند وصولنا مطار محمد الخامس في تمام الساعة الواحدة ظهراً أول ما طرأ لي إشارة بعض الأعضاء في تقاريرهم إلى تحسن ملحوظ في المعاملة والخدمات في المطار وهذا ما استغربته ! فلربما كان في كلامهم شيء من الصحة لأني لم أقف على تعاملهم في السابق وبحسب إشادة الأخوة يبدو أنه كان أشد سوء وبشاعة ، ولا يملك أياً منا سوى التحسر على هذا القناع القبيح لوجه البلد الموغل في الحسن والبهاء ، والمفترض أنه بوابتها على العالم وإليه ، وواجهتها . فلا يزال موظفوا الجوزات يعرقلون مرور المسافرين ويجبرونهم على الانتظار طويلاً في طوابير طويلة بمنهج بيروقراطي وفاسد قد تجاوزته معظم دول العالم ، لا يزال مأمور الجمارك يصر على فتح حقائب المسافرين ونبشها بطريقة عبثية - وعدوانية كما أسميها - ولم أعهد في حياتي طوال رحلاتي الجوية أو البرية أي مأمور جمركي قام بتفتيشي أو سؤالي عن محتوى حقائبي إلا في هذا المطار المتأخر في كل شيء . وذات الأمر حدث معنا عند المغادرة وانتظارنا لحوالي الساعة في طابور الجوازات رغم ان جميع الكبائن كانت تعمل ، وبعض المسافرين خصوصاً من الجنسيات الأوروبية استعانوا بالمسؤول لتمريرهم كحالات استثنائية خوف ان تفوتهم رحلاتهم وهي على وشك الإقلاع !.
استقلينا سيارة أجرة من المطار ( 700 درهم شاملة رسوم الطريق السيار ) وكان الطريق مصدر ارتياح وابتهاج لزميلاي وخصوصاً أنها زيارتهم الأولى لهذا البلد ، ملأنا أعيننا بالبساط الأخضر الممتد بمدى النظر والمناظر الخلابة وكانت الأجواء في غاية الروعة فلم نشهد برودة تذكر طوال فترة اقامتنا وخصوصاً في النهار ، وعند الوصول إلى منطقة أكدال تم الاتصال بصاحب الشقة الذي استأجرت منه شقة في رحلتي السابقة وكنا على موعد معه قبل اقلاعنا وأثناء وصولنا ، وللأسف غدر بنا كما فعل سابقوه في رحلتي السابقة ، فأحالنا إلى زوجته التي احتفظ برقمها من المرة الفائتة ، وطلبت منا انتظارها في التاكسي قرب ماكدونالدز لحين قدومها ، وكان الوقت يمر والاتصالات معها تتكرر والسائق سئم الانتظار ولم تأتي ، فطلبت من سائق التاكسي انزالنا عند شارع فرنسا ونحن سنتدبر أمرنا ، أنزلنا حقائبنا وكانت كثيرة فبعضها وضعنا فيها الشيّش والمعسل وملحقاتها وبعضها كان للسماعات والإضاءة وبعض الكماليات عدا عن حقائب الملابس ، تركت رفاقي برفقة الحقائب على قارعة الطريق وتجولت بين الأزقة والتقيت بعض العساسين وحاولوا توفير طلبي - شقة نظيفة بثلاث غرف نوم - فتعذر الجميع لعدم وجود شقة خاوية بهذه المواصفات ، إلى أن وقعت على رقم سيدة عجوز وأخبرتنا أنها تنتظرنا في شقتها بشارع " عقبة بن نافع " فواجهنا وقتها أكبر العقبات في ايجاد تاكسي يقلنا إلى هناك وبالكاد توقف لنا أحدهم وركب معه أحد الأصدقاء وبعض الحقائب واضطر للإنتظار طويلاً لحين الظفر بتاكسي آخر وكان يتذمر منا بشدة ولكنه اقتنع أخيراً حين وعدناه بتطييب الخاطر ، إلى أن توقف لنا أحدهم وما حسبناه إلا الكنز الثمين لا يُقدر بثمن ، ثم انطلقنا إلى الشقة بحسب وصف السيدة العجوز ، الإقامة من الخارج بدت جديدة وأنيقة والشقة كانت فوق المتوسط ولكن صاحبتها اقتنصت فرصة حاجتنا ورفعت علينا الأجرة ، وبعد أخذ ورد نزلت بالأجرة من 1800 درهم لليلة الواحدة إلى 1500 درهم ، تحب الفلوس هالعجيز بس انها حقانية ويهمها بالأول والأخير راحة المستأجرين . فطوال فترة إقامتنا وفرت لنا أربع خادمات يقمن بخدمتنا على أعلى مستوى وعلى مدار الساعة ، طبخ ونفخ وغسيل وتنظيف وشاي وقهوة وبخور ومعسل وجمر ، غير أجواء السهرة وكل ما يلزمها . ومع الأيام تآلفنا معهم كأسرة واحدة وصرنا نشّطحهم ونعيش مع بعضنا الأجواء بدون فوارق ، وبرغم هذا تأمر فتطاع على الفور ، ولا تنسى إحداهن أنها موجودة هنا فقط لخدمتك .
بعد يومين تلقيت اتصال من صديقين أنهيا للتو بعثتهما الدراسية في المملكة المتحدة وهما من رواد أكادير ومراكش ولأول مرة يزوران الرباط ، فسألوا عن الأجواء فكانت مغرية وبعدها بلحظات أخبرونا أنهم سيكونون في الرباط مع الظهر .. وبالفعل استقبلناهم في شقتنا وتداولنا بعض الاقتراحات كأن نستأجر " فيلا " ولكن ضيوفنا الاعزاء أبلغونا أنهم يخافون أجواء الفيلات ولا يرتادونها ، فاستقر الرأي أن نأخذ لهم شقة مكونة من غرفتين تملكها نفس السيدة العجوز في الإقامة الملاصقة لنا تماماً وبعد حب الخشوم أعطتنا الشقة بـ 1200 درهم ، ومن هنا تحولنا إلى قبيلة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى فأصدقاءنا لا يعرفون شقتهم إلا وقت النوم ، فصرنا خمسة + خمسة والشغالات الأربعة ، فكنا نستهلك كميات كبيرة من المواد الغذائية تفوق 3000 درهم باليوم الواحد وعصيرات تفوق الرقم ذاته وسجائر تفوق 700 درهم عدا عن السوائل والمياه والنثريات التي لا تنتهي . ومع ذلك يحكي لي أصدقاءنا الجدد أن الصرف لا يزال أقل بكثير من أكادير وأجواء الفنادق ، وعن أنفسنا نحن الثلاثة نراه مقبول جداً مقارنة بدول عدة زرناها سابقاً كسوريا مثلاً . خصوصاً أنك تدفع في هذا البلد وأنت راضي تمام الرضى عن المردود مقابل ما تدفعه .
مرت الأيام بسرعة البرق ونحن عازمون على اكتشاف " موروكو مول " بكازا وزيارة " إفران " ولكن ! - كلام الليل يمحيه النهار- ما نشبع من النوم إلا العصر وبعض الضيوف يُفضل البقاء وبعضهم يستأذن لساعتين أو ثلاث على الأكثر لقضاء بعض اللوازم ثم يعود بحُلة جديدة ومختلفة ، البعض يذهب للحمام المغربي ، والبعض للمقاهي لتزجية بعض الوقت ، والبعض يصطحب ضيفه للمدينة للتسوق ، أما " المرجان " و " لابل في " فالزيارة اليومية إليهما حتمية .
الرباط مدينة جميلة وهادئة خصوصاً لمن كانت إجازتهم قصيرة ويرغب بالحصول بأكبر قدر من الخدمة والمتعة والرفاهية بأقل قدر من الخسائر ، ولا يعيبها إلا ندرة التكاسي ، فتضطر للوقوف طويلاً حتى يقف لك أحدهم وإذا وقف لك في الغالب يرفض إركابك بحجة أن طريقك بخلاف وجهته التي كان يقصدها ، فكنا نترجل عند الضرورة لسوبر ماركت " لابل في " بحكم قربه منا نسبياً وبدون سيارة كنا نواجه بعض المشاكل مع الشماكرية ! أحدهم كان ينوي خطف الكيس من يدي فضربته بالكيس الآخر في يدي الأخرى ومضينا في حال سبيلنا إلى أن التفت ووجدته يحاول اختطاف الكيس من يد زميلي بالقوة وقد تعاركا مع بعضهما فأطلقت ما في يدي ولحقت به إلى أن هرب وابتعد ، بعدها تعجبت لمثل هذا الفعل في وضح النهار وأمام الناس ، واستغربت أن لا يتخذ الناس الاجراء الرادع لأمثاله بإمساكه وتسليمه للشرطة ، بل وقف الجميع يتفرج على تلك المهزلة .
في الختام . أعذروا لي إطالتي مع قلة التفاصيل وعدم إدراج الصور لخصوصيتها وعدم صلاحيتها للنشر
متمنياً أن يظفر أحدهم بفائدة ولو كانت غير مقصودة من بين السطور .. ومع خالص الأمنيات للمقبلين على السفر برحلة آمنة وإجازة ممتعة .
التعديل الأخير تم بواسطة a7mad ; 2011-12-16 الساعة 12:58 AM