تميمة بنت يوسف بن تاشفين ..
تميمة بنت يوسف بن تاشفين
أم طلحة
لم يكن الحسن والأدب والكرم، هي الجواهر التي رصعت مسار حياة تميمة بنت يوسف بن تاشفين، بل زاد مسارها توهجا ما كان لها من رجاحة عقل وحسن تدبير.
فقد تربت أم طلحة، في كنف دولة لم يكن فيها رجال الدولة وأمرائها يرون غضاضة في تنشئة بناتهم على دراسة الأدب مع ما عرف عنهم من تشدد في الدين .
تنشئة تميمة، أخت علي بن يوسف، سمت بها إلى مقام شهيرات عصرها في الأدب والكرم، إذ شاركت إلى جانب كثير من نساء المرابطين في الحركة الفكرية بنصيب وافر من العلم والأدب .
فتميمة ابنة قمر الرومية، « كاملة الحسن راجحة العقل المشهورة بالأدب والكرم » لم تثنيها هذه القيم الجمالية والفكرية، عن الاهتمام بثروتها المادية والإشراف عليها من أجل تنميتها.
فالثروة التي ورثتها تميمة عن والدها يوسف، الذي« يقال أنهم وجدوا في بيت المال بعد وفاته، ثلاثة عشر ألف ربع من الورق، وخمسة آلاف وأربعين ربعا من دنانير الذهب المطبوعة » عملت على تنميتها وتطويرها.
وزاد تميمة ثراء ما حظيت به من امتيازات في فترة حكم أخيها علي، فتوسعت في جمع الثروة شأنها شأن باقي المحظوظين من أمراء وشيوخ صنهاجة، ممن استأنسوا برقة الحضارة.
وتبقى رجاحة العقل، وحسن تدبير الثروات، من أهم الخصال التي ميزت تميمة أخت علي بن يوسف، عن باقي المحظوظين من أبناء وبنات جلدتها، الذين تباهوا بحياة البذخ والترف، يقول المرحوم محمد زنيبر .
فقد أتقنت تميمة لغة وفن تدبير الثروات، فغدت برجاحة عقلها وحسن تدبيرها لثروتها من أثرياء قومها، مقدمة بذلك نموذجا عن المرأة المغربية المدبرة والمسيرة للثروات في عصرها.
فإشراف تميمة بنفسها على إدارة ثروتها، لم ينقص مما كان لها من نفوذ معنوي ومادي بين قومها، وتعيينها لمحاسب لمساعدتها في تدبير شؤون متاعها المادي، لم يرفع عنها حصانة العفيفات الطاهرات، وسفورها على عادة نساء الملثمين وهي تحاسب كاتبها ـ كما قال ابن القاضي ـ لم يوقعها في براثين الرذيلة، فالسفور أو الحجاب ليسا نياشين لوقاية بني البشر من الوقوع في الرذيلة، بل عزة النفس وسموها، وشموخ البشر والتزامه بقضايا الكون، هي من يحمي الإنسان من لحظات ضعفه.
فسمو وشموخ ابنة يوسف بن تاشفين الذي « يفضل أن يقدم نفسه كمؤمن، حشوه الخشوع والتواضع » ، يترجمهما ما قالته لكاتبها لما دخل عليها وهي سافرة، فبهت « وكانت قد أمرت بمحاسبته، فلما نظرت إليه عرفت ما دهاه، ففطنت لما عراه، فأومأت إليه وأنشدته:
((هي الشمس مسكنها في السماء فعز الفؤاد عزاء جميلا
فلن تستطيع إليها الصـــــــعودا ولن تستطيع إليك النزولا ))
__________________
Be your Self No Matter what they Say